ضياع

ضياع
صفا الصواف
في كل مرة اضيع فيها لا اجد إلا الحروف كي تواسيني وتمسح دموعي التي تنهال حمراء من عيني كأنها ناراً تكوي جفوني ، في كل مرة اضيع فيها اهرب من كل البشر واعتكف في صومعتي بعيدا عنهم ، أعيش مع أوجاعي الليالي الطوال اقلب صفحات الكتب علها تهدئ من روعي .. أو تمسك يدي التي تكاد تقوى على أن تمسك بالقلم كي تكتب بضع سطور تحكي من خلالها آلالم صاحبها الذي لا يدري أهو ميت بين الأحياء أم هو حي بين الأموات .. أهو الذي كره الحياة .. أم أن الحياة قد كرهته فأبت واستكبرت ورفضت أن تريه ما يجعل منه جسد بروح .. فجعلته جسد بلا روح ، فلم يشعر يوم من الأيام بسعادة .. أو حتى ينصف الذنيا يقول .. لابد أن أجد في دولاب حياتي بعض الهناء ولكن تسابق معه الشقاء وتغلب عليه ،، فمنذ الماضي البعيد البعيد منذ نعومة أظافري وأنا أعيش في خوف وضياع أطلب الأمان من الغرباء ليأخذونني بعيدا عن أقرب الأقرباء .. ولكن ذهبوا منذ زمن طويل وتخلوا عني وتركوني اصارع وحوش لا تعرف الرحمة ،، ومضت الأسابيع والأشهر والسنون وأنا وحيد في غابة موحشة القوي فيها يأكل الضعيف .. ويقتات من فريسته وهي على قيد الحياة حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة .. ويمضي دون حتى أن يواريها الثرى ليتركها لضباع كانت ترقب من بين الأشجار حتى ينتهي المفترس من تناول طعامه كي يأتي دورها في التهام ما تبقى .
لماذا ياصاحبي تختار في كل مرة ان تلعب دور الضحية وأن تكون في شباك الصيادين بدلا أن تكون أنت الصياد الذي يصطاد ويلقي ببقايا فريسته؟ !!! ،، أتشفق على حالهم ؟!! لما ، ثم لماذا تجعل في فؤادك رحمة وهم لم تأخذهم فيك أي رحمة أو شفقة ؟!! ، لما ترضى أن ينزعوا منك كل معاني الإنسانية والكرامة والكبرياء دون أن تتحرك ودون أن تصرخ وترفض ،، انظر إلى نفسك في المرآة .. انظر إلى وجهك .. إلى عينيك التي يسكنها الألم والكره والعنف والسخط والتمرد والانحراف ، انظر إلى داخلك .. إلى الإنسان السجين .. بل انظر إلى ذلك المارد الذي يأبي أن يخرج ويعلن أنك ستبدأ الحياة .. فهو رغم قوته ضعيف أمام كل التجارب التي مررت بها .. ، بكل مرة تحاول ياصاح أن تعيش لكن اعذرني فأنت لا تعرف حتى ابجديات الحياة ................